إسم المؤلف: كارسون ماكالرز.
ترجمة: علي المجنوني.
عدد الصفحات: 97 صفحة.
تتحدث الرواية عن امرأة اسمها إميليا تمتلك مقهى كان في البداية دكاناً لبيع العلف ورثته من والدها وينشط في أيام السبت، والذي يقع في بلدة كئيبة، هذه البلدة تحتوي مصنع قطن وكل من يَقطن فيها يعمل بذلك المصنع، تزوجت إميلي من رجل سكير ومدمن قمار بعد أن تاب ووعد نفسه بعدم الرجوع إلى ذلك الطريق، لم تكن إميليا تعطيه الاهتمام الذي تعطيه كل زوجة لزوجها، وبعد أن كتب لها كُل ممتلكاته وما إن قضت أول عشرة أيام وبقبضة منها على وجهه ترك البلدة وفر هارباً.
تتوالى الأحداث لوصول الأحدب قريب إميليا بعد سنوات عدة من ترك أهله للبلدة، فقد كانت إميليا تعامله بلطف ومنحته مأوى ينام فيه وأيضا شاركته في المقهى، فكان يأكل ويشرب وينام عند إميليا في بيتها، وكان يساعدها في المقهى ويخلق جواً للزائرين، وسلمته الأمور المالية أيضا إضافة لمحاولة علاجه، فهي كانت معالجه أيضاً.
كان الأحدب رأس الفتنه في المقهى، فكان لا تخبأ له وارده، يعلم بأمور الجميع ويعمل على دس السم والعداوة بينهم، حتى عند ظهوره كانوا يقطعون الكلام ولا يتحدثون عن أموراً تخصهم.
بعد عدة سنوات من ابتعاد زوج إميليا ودخوله للسجن عاد إلى البلدة، تغيرت إميليا وأصبحت ترتدي فستاناً في يومٍ محدد من الأسبوع وتخرج من البلدة، وبجهة أخرى تقرب الأحدب من زوجها السابق فبالرغم من إخبارها للأحدب عن قصتها مع زوجها إلا إنه تقرب من زوجها وأصبحا مقربان، وكانت هي تعامل زوجها السابق معاملة زبون وكانت تقدم له الطعام والشراب مثله مثل أي زبون يأتي لمقهى.
بعد فترة وجيزة، أصبح الأحدب وزوجها من أقرب الأصدقاء، وجاء اليوم المنتظر، يوم النزال بين أميليا وزوجها حيث كانت قوية البنية و كبيرة سمراء البشرة تشبه الرجال وتبارز الرجال، كانت تؤمن بالحظ وتحديداً بالرقم سبعة ففي السابعة مساءاً حان موعد النزال وكان كل رجال البلدة ونسائها في المقهى ينتظرون ذلك بحماس، كانت أميليا على وشك الفوز على زوجها والإطاحة به لولا أن تدخل الأحدب وساعده على هزيمتها وسرق منها كل أموالها وأملاكها ولم يبقى لها شيء سوى بناءٍ رخيص وقديم لا يسوى فرنك، فقد قام بسكب جميع النبيذ في المستودع وتهريب الحيوانات في المزرعة.
وتنتهي الرواية ببقاء أميليا على الأرض مصدومة بما فعله الأحدب لتعود لحياتها البائسة قبلما كان الحب والمودة يعشش في قلبها إتجاة الأحدب.
تعرض الرواية ثلاث قضايا، الاولى، من الممكن أن نكون غافلين عنها في حياتنا، فنحن نفعل الأفعال إن كانت جيدة أو سيئة، ولا نفكر للحظة أن ذلك الفعل سيعود علينا كما فعلناه سابقاً، فكما يقول المثل:”كما تدين تُدان”، أي ما ستفعله الآن سيعود إليك في المستقبل، كما حدث مع إميليا فقد قامت بسلب كل أملاك زوجها وتركته يذهب بعد عشرة أيام من زواجهما وها هو الأحدب يفعل ذات الشيء معها وسلب كل أموالها وأملاكها منها.
أما عن الثانية فهي أن اليوم الوثوق بأي شخص أصبح أمراً عادياً، فكل من يقدم لنا المساعدة نثق به دون معرفة خيره من شره، ولكن ما كان يجب أن تثق إميليا بالأحدب لأنه قام بخيانتها في النهاية، ولذلك لا يجب أن نثق بالآخرين مهما كانت مكانته عندنا ومهما كان قريباً من قلوبنا، إن كان يجب علينا الوثوق بأحد فهو فقط بأنفسنا.
والقضية الثالثة التي لا تقل أهميتها عن نظيراتها، أن في كل مكان وزمان في الحياة لا بد وجود مكانٍ للفتنة، فَبكوننا أناس عقلاء ونملك القدرة على التفكير لا يجب أن نصدق ما يقوله الآخرين عن أصدقائنا أو أقربائنا فليس كل ما تسمعه صحيحاً وما تراه عيناك عليك تصديقه فقط وليس ما تسمعه أُذناك، فَالأحدب كان ينشر الفتنة بين الجالسين في المقهى ليسخر منهم، فلا داعي لنجعل من أنفسنا عرضة للضحك، ولا يجب أن ننسى أن الفتنة أشد من القتل لذلك لا يجب إشعال شرارة الفتنة بين الناس.
تحرك ماكالرز حكايتها بيدها تارة تروي وتمرر الحكاية سريعاً وأخرى تلعب بخيط الزمن ، لتخلق العنان لخيال القارئ في رسم أبعاد الحكاية، إضافه إلى صوتها الذي بدوره يحرك زمن الحكاية ومنح الأحداث إيقاعاً يجعلها منسقة ومتوترة، وتعقب على شخصياتها وتقييمها. تسير الرواية بانسيابيه نحو النهاية وهي ذروة فعلية لوقائع البلدة والمقهى والشخصيات. فقد رسمت نهاية مجموعة المهمشين وأصحاب الحظوظ السيئة.
أما عن السرد فقد تجاهلت بعض التفاصيل الثانوية للوقوف على أهم التفاصيل والنتائج التي جلبها البؤس لحياة ساكني البلدة.
كارسن ماكالرز الحكاءة المرنة والمتينة في ذات الوقت، ترسم حياة الريف البائسة في أمريكا، حيث المجرمون والبائسون و قليلو الحظ والشأن. وكأنها جسدت في هذه الرواية حكاية الملعونين عند وقوعهم في الغرام بعضهم البعض وفي غرام الإنتقام.
بقلم: بيان دراوشة.