إن ثلاثية روايات سلسلة مملكة البلاغة للدكتورة حنان لاشين تبدأ من ايكادولي ثم أوبال وتنتهي بِأمانوس، في هذه الروايات تدور الأحداث حول محاربين يقومون بحماية كتاب و استرداد كلماته وإعادته للمكتبة العظمى في المملكة.
في هذه الروايات سلطت الكاتبة الضوء على قضايا في المجتمع والتي نعيشها ومن الصعب ملاحظتها، ومن خلال قراءة هذه الروايات نرى إن أبطال الرواية ملتزمين بدين الله، ويؤمنون بأن كل ما كُتب لنا في اللوح المحفوظ سيكون، وإن الله وهو المنقذ والمنجي من المصائب التي قد تحل على رؤوسنا، أما اليوم فنادراً ما نرى شخصاً قريباً إلى الله، ولا بد أنه واضح جليا أننا مبتعدين كل البعد عن الله حتى بتنا نشتم ونكفر به وبما كتبه الله لنا دون التفكير ولو للحظة أن ذلك كان خيراً لنا وليس شراً فكما قال الله تعالى جل جلاله في كتابه العزيز: “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”(سورة البقرة، الآية 216).
ثانياً: ظهر في هذه السلسلة عدة صراعات، الصراع بين الخير والشر وما إن لبث لا بدّ لينتصر الخير على الشر، ولو تأرجحت كفة الميزان ناحية الشر. والصراع على الجاه والملك، فظهرت عداوة كبيرة بين الأقرباء والأخوة وكل ذلك من أجل حصول على منصب رفيع لا يساوي شيئاً في الآخرة، أما عن الصراع الثالث فهو بين الفرد والمجتمع المحيط به، فإن كنت نقي الروح فلا بد أن تتعرض للأذى من أبناء مجتمعك، فَنقاء قلبك وأفكارك من الممكن أن يؤدي إلى استفاقت الناس من غفلتهم وهذا ما لا يريده حكام ذاك المجتمع.
ثالثاً، اللجوء إلى السحر والشعوذة من أجل الوصول إلى الهدف المرجو، ففي هذا الزمان بات العديد من الناس يلجأون إلى استخدام السحر من أجل تحقيق أهدافهم غير مُدركين أن ذلك الطريق من الممكن أن ينقلب عليهم في يوم ما، ومع العلم أن ذلك يغضب الله إلا أن تحقيق مرادهم أهم من رضا الله.
رابعاً، بر الوالدين فلم يعد هناك احترام للوالدين في هذا الزمن وعدم الاعتراف الأولاد بفضلهم عليهم ومن أجل رغبة الابن ورغبة زوجته ومن أجل الوصول لأهدافه يقوم بقتلهم أو نفيهم.
خامساً، إن الحب الحقيقي والصادق في يومنا هذا معدوم ولا يمكن ملاحظته، فالحب الصادق الطاهر العفيف والخالي من المحرمات والشهوات غير موجود، فإن مفهوم الحب لدينا هو إشباع الشهوات فقط ولا يهم إن تم ارتكاب المحرمات من أجل ذلك، وفي تلك الروايات يُعلمنا أبطالها عن الحب الحقيقي الذي يتعلق بالروح أولا وليس بالمظهر الخارجي، الحب الذي نخجل عن البوح به، الحب غير المشروط بقيود، وفق شريعة الله ورضاه.
إن السرد والحوار كان باللغة العربية الفصحى، و انتقاء الأسماء عربية الأصل كان في مكانه وتم الاحتفاظ بالنمط العربي الشرقي في كتابه تلك الروايات.
ما شدني لقراءة تلك السلسلة هي ما تناقلته الآراء الجيدة عنها، ولكن ما لم يثر إعجابي بتلك الروايات هي عدم التجديد في الحبكة فقد كان هم كل محارب هو استرداد كلمات كتابه وإعادته إلى المكتبة العظمى وتحقيق العدل قبل العودة لدياره.
أما عن النهاية فقد كانت متوقعة ولم تكن بالمستوى المتوقع من الكاتبة حسب البداية والحبكة، ولم تختلف النهايات فيما بينها فكلها تنتهي بعودة المحارب إلى دياره.
لا يمكن التغاضي عن التشابه بين الأحداث المركزية في الروايات الثلاث وبين أفلام أجنبية قد عُرضت على شاشة التلفاز، فهي أقرب إلى أن تكون عينها.
وأيضاً من الممكن أن يتم قراءة كل رواية بشكل منفرد، فكل واحدة تأخذ منحنيات مختلفة وأحداث مختلفة لكنها في النهاية شبيه بالأخريات.
بقلم: #بيان_دراوشة