رياضة الكونغ فو هي إحدى رياضات الفنون القتالية التي تُعلم من أجل الدفاع عن النفس، وتحسين القوة الجسدية، لكنها مميزة عن بقية الرياضات لأنها تجمع بين جميع رياضات الفنون القتالية مثل: الكاراتيه، واستخدام العصا، والباركور، وهي مستمدة من حركات وتصرفات الحيوانات كالنمر والأفاعي.
في عصرنا الحالي زادت شهرة رياضة الكونغ فو في جميع أنحاء العالم، وبالرغم من ذلك تبقى الصين مشهورة بهذه الرياضة، والسبب يعود إلى أنها الدولة التي نشأت بها رياضة الكونغ فو، مما يعني أن أساسها وطرق تعلمها طُوِّرَت على أيدي الصينيين، وعلى إثر ذلك باتت من التقاليد الرسمية لأبناء تلك الدولة، حيث أصبحت من طقوسهم، ولذلك يعتبر الصينيون أنّ تعلمها هو أمر أساسي وضروري، فهي تُعتبر رمزاً من رموز حضارتهم.
أضف إلى ذلك، فإن نشأتها تعود إلى الحاجة الملحة للصينيين في تلك الفترة إلى الدفاع عن أنفسهم من قُطّاع الطرق وأيضا من هجمات العدو، فوجود سور يحميهم من هجمات العدو لا يكفي، بل هم يحتاجون إلى آلية ما بهدف الدفاع عن أرضهم، أعراضهم، شرفهم وعائلاتهم.
هل تحث رياضة الكونغ فو على العنف؟
إن البعض يظن أن رياضة الكونغ فو هي رياضة عنيفة وتساهم في تربية الأجيال القادمة على استخدام العنف والقوة ضد الآخرين بغية الحصول على مرادهم، ولكن هذه الرياضة تعمل على الحفاظ على حياة الإنسان في حال تعرُّضِه لمكروه، فهي تعلمه كيف يدافع عن نفسه وعن الآخرين عند وقوع شجار. كما أنّها تُعلَّم بهدف الدفاع عن الضعفاء من بطش وجبروت الأقوياء، إذ أنها تحث على العدل بين الناس وإدراك أهمية موازنة الأمور في الحياة، وأن الشجاعة تبقى مجرد مُسمّيات إذا لم تُوظَّف في مكانها ووقتها الصحيحين.
تستمد رياضة الكونغ فو قِواها من الطبيعة، لذا نلاحظ أن الكثير من التدريبات تتم بين أحضان الطبيعة لأنها تبعث السرور والاطمئنان وتشرح الصدر، إضافة إلى الهواء النقي، الهدوء وسماع حفيف أوراق الشجر عند مُداعبة الرياح لها. ليس هذا فقط، إنما تزيد أيضًا القوة العقلية للمتدرب، وبما أن كل المحفزات تعمل في آن واحد، النفسية والجسدية، فإنها تبعث الراحة في نفس المتدرب وتزوّده بطاقة جديدة وإيجابية مع كل شهيق يستنشقه المتدرب وتطرد الطاقة السلبية مع كل زفير يطلقه، وبذلك تنعش الجسد وتقوّيه. من هنا، فإنّ رياضة الكونغ فو تعتمد بالأساس على التأمل، الطاقة الداخلية وزيادة الليونة في الجسم.
لرياضة الكونغ فو تأثير على الانضباط وكيفية الالتزام بالأوقات، إضافةً إلى كيفية التعامل مع الأشخاص والمواقف. لذا فإنَّ المتدرب المَتأخر عن أوقات تدريبه يُعاقب، كذلك الشخص الذي لا يزن أفعاله يُعاقب عقاب شديد. بالتالي، خوفاً من العقاب وكمحاولة لتجنبه فإنَّ المتدربين يحرصون على الالتزام بالمواعيد وعدم التأخر، مراقبين تصرفاتهم وكلامهم ومحاولين قدر المستطاع التعامل باحترام.
إن للكونغ فو العديد من الفوائد على حياة الإنسان، ولذلك أنا أنصح وبشدة ممارسة وفهم هذه الرياضة وعدم استعمالها بطريقة سلبية، لكي ننعم بفوائدها وتأثيراتها الجسدية والنفسية على صحتنا.
بقلم المُتدرب: باسل ضرار عبد الحميد.