عند الحديث عن التجارة الإلكترونيّة أولًا يجب أنّ نفهم/نُعرّف هذه المصطلحات: “التجارة” هي عبارة عن عملية البيع والشراء وتبادل السلع والخدمات، و”الإلكترونية” تُعبِّر عن الوسيلة التي تتم عبرها هذه العمليات: الإنترنت.
أما التسويق، فهو مجموعة من الاستراتيجيات والأدوات التي تُستخدم للترويج للمنتج أو الخدمة وجذب العملاء. وعند دمج التسويق مع التجارة الإلكترونية، نحصل على مفهوم يهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة على الإنترنت لبيع المنتجات والخدمات.
في عصرنا الحالي، حيث أصبحت الأسواق أكثر تشابكًا وتنافسًا، يتطلب الأمر استراتيجية تسويقية فعالة للتفوق في التجارة الإلكترونية. ومن هذه الاستراتيجيات ما يتعلق بفهم احتياجات وتوقعات العملاء، حول ملائمة الرسالة للقيمة التي يبحث عنها المتلقي. ففي التجارة الإلكترونية، يُفضل أن تكون الرسائل المُوجهة للمستهلك قائمة على فهم توقعاته ورغباته، بدلاً من مجرد ترويج القيم التي يُؤمن بها المُعلن فقط.
في عالم السرعة والتكنولوجيا الذي نعيش فيه، يبدو أن المنتجات الثقافية قد فقدت جزءًا من بريقها وجاذبيتها. الكتب والمسرح، على وجه الخصوص، يواجهان تحديات كبيرة في جذب الأجيال الجديدة التي تُفضل وسائل الترفيه السريع والفوري. ولكن، هل يمكن أن نجمع بين الحفاظ على الجودة وزيادة الانتشار؟ هذا هو التحدي الحقيقي.
الترويج بناءً على القيم المثلى: هل هو خطأ تسويقي؟
في عالم الثقافة والفكر، تظل الكتب والمسرح هما المنارتان التي تنيران العقول وتحركان الضمائر. ولطالما كان هناك نوع من “النقاء” الذي يُعتبر مُقدسًا يرتبط بكل منهما. لطالما وقع الكتاب والناشرون في فخ التفكير بأن الكتب هي رسالة وليست منتجًا ثقافيًا، وهو نفس الفخ الذي وقع فيه العالم المسرحي.
هذا التوجه التسويقي، الذي يبدو وكأنه مُرتفع ونبيل، ولكنه في الواقع مُضلل، يقوم على فكرة “اقرأ تصبح مثقفًا” أو “أعطني مسرحًا أعطيك شعبًا”. وفي هذه الأفكار، يتم تقديم الكتاب والمسرح كوسيلة للتطوير الذاتي والنهوض الثقافي، دون النظر إلى ما يريده الجمهور وما يحتاجه.
ترتكب هذه الرؤية خطأً كبيرًا. ففي عصر تكنولوجيا المعلومات، حيث يتنافس الجميع على انتباه الفرد، يجب التفكير خارج الصندوق. يجب أن نفهم أن القيمة التي يُعتقد أن الكتاب أو المسرح يُقدمانها لا تُعتبر كذلك بالضرورة من قبل الجمهور.
فعندما نقارن الكتب والمسرح بمنتجات ثقافية أخرى مثل الأفلام، الرياضة والأزياء، نجد باقي المنتجات الثقافية (كالتي ذكرناها سابقًا مثلا) أخذت حيزًا كبيرًا من الاستفادة من التكنولوجيا لترويج منتجاتها وخدماتها، وهذا ليس فقط لأنها تقدم محتوىً مُثيرًا، بل لأنها تعرف كيف تلتقط انتباه الجمهور وتستجيب لاحتياجاته.
بالنظر إلى الكتب والمسرح، نجد أن هناك حاجة ماسة لإعادة التفكير في الرسالة التسويقية. فالتقنيات التسويقية الحديثة، خصوصًا تلك المتعلقة بالتكنولوجيا، تقدم فرصًا هائلة للوصول إلى الجمهور. ولكن، يجب استخدام هذه التقنيات بحذر، مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص كل منصة وملائمة الرسالة لها.
فهم الجمهور المستهدف هو الخطوة الأولى في تقديم منتج ثقافي، فعند التعمق في فهم اهتمامات الجمهور وأولوياته، نستطيع تقديم ما يلامس توقعاتهم واحتياجاتهم. وفي عصر ملؤه التكنولوجيا، يتعين علينا استغلالها بحذر لضمان الحفاظ على قيمة الكتب والمسرح، مثل الاستفادة من الواقع المعزز وتطبيقات القراءة التفاعلية. من جهة أخرى، التعاون مع الفاعلين الرئيسيين مثل المدارس والجامعات يمكن أن يوسع الوصول إلى جمهور أكبر. وأخيرًا، ليس كل شيء يتعلق بالإنتاج الثقافي، فالترويج الفعّال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم الأمسيات وورش العمل يُعتبر أساسيًا لجذب الجمهور.
في الختام، يمكن للتسويق الفعال أن يلعب دورًا حيويًا في إحياء المنتجات الثقافية وجعلها جزءًا لا يتجزأ من حياة الأجيال الجديدة.
