مع نشوء الصّهيونيّة والهجرة اليهوديّة الى فلسطين ، تشكَّل صراع الوجود الأكبَر –الصِّراع الفلسطيني اليهودي– علىالارض، الذي أسماه كلٌّ بكلِّ ما يحلو له، ممّا ادّى لتفكّك الكثير من الشّعوب وحتى الشّعب الفلسطيني نفسه، عن هذهالقضيّة والتِباس موقف المحايدَة.
لم تكن القضيّة الفلسطينيّة يومًا مجهولة التّعريف، لكنّها على مدار السّنوات وحتّى الآن حظِيَت بالعَديد من التّعريفاتالمختلفة، حيث عرّفها البعض بقضيّة المسلمين فقط (قضيّة دينيّة) استنادًا على يهوديّة العدو –السّنوات كانت كفيلةبتأكيد خطأ التّعريف وعدم دقّته– آخرون وصفوها كصراع قوميّة عربية واستعمار…
التّعريفات التي ذكرتها الآن ما هيَ الّا بعضًا ممّا قد مرّ علينا.
بِدايةً لن انفي صحّة اي تعريف من بين التّعاريف التي ذكرتها، فالقضيّة تشملهم جمعًا اضافةً لتعريفات اخرى قد اذكرهم لاحقًا، كَيف؟
سأشرح الآن
*التّعريف الاوّل– القضيّة دينيّة.
تعتَبر فلسطين هي الارض المقدّسة للديانات السّماوية، إذ ضمّت اليهود والمسيحيّين والمسلمين وحَوَت ايضًا اماكنعباداتهم
فالأقصى مثلًا، هو المكان المقدّس الثالث للمسلمين، الاعتداءات التي تقع عليه والصراع حوله هو اكثر ما يجعل القضيّةدينية في تعريف الكثير لها.
حين يتعرّض الاقصى للاعتداء، يهمّ مسلمو الارض عامّةً والاراضي الفلسطينيّة خاصَّةً للدّفاع والمرابطة فينتُج تحشيدضخم وواسع النِّطاق، وهذا لأن غالبيّة الشّعب المسلم في فلسطين وغيرها يتحرَّك وِفقًا لمشاعره الدّينيّة.
إن نظرنا للأقصى فالأقصى هو نقطة محوريّة في صراعنا الفلسطينيّ، بل اكثر النّقاط محوريّة لأن الصراع عليه قويّجدًّا، هو دافع وحافز للكثير من اجل اكمال النّضال
ان حدث وتم اخذ الاقصى نهائيًا يمكننا اعتبار ان القضية الفلسطينيّة قد أُسقِطَت، فالاستيلاء والسّيطرة على الاقصى لايقلّ بشاعةً عن النّكبة والنّكسة.
ومن هنا يمكن ان تكون القضيّة الفلسطينية قضيّة دينيّة فقط للبعض، لكنها ابدًا لا تنحصر فقط بالدّين والاقصى .
*التّعريف الثاني– صراع قومي (عربي–صهيوني)
ظننت ان العَيش بين شظايا الصهيونيّة الكاذبة المخادِعة، لن يجعلنا كفلسطينيّين نصدّق احدى خرافاتهم التي أقاموادولتهم استنادًا عليها، انّ مشكلتنا كلّها تعود لكونِنا اقليّة.
لكن ها نحن نصدّق ونكرّر وننقل ما أُشْبِعَت آذاننا به او لأكن دقيقة اكثر، ما غُسِلَت أدمغتنا به، وهو انّ قضيّتنا تنحصرفي كونِنا اقليّة!
بعد حرب النّكبة –حرب التّطهير العرقي لفلسطين ووثيقة اعلان قيام دولة اسرائيل سنة 1948- تحوّل الكثير من الشّعبالفلسطيني للاجئين ومهجّرين في كل انحاء الارض اثرَ المجازِر والهجمات التي مارسها الاحتلال ضدّهم واعلان قيام دولةاسرائيل بعد ان اخلَت بريطانيا فلسطين –الانتداب البريطاني قدّم فلسطين لليهود على طبقٍ من ذهب بشكل غير مباشروبعدها أعلن بن چريون قيام دولة اسرائيل في 14 ايّار من سنّة 1948- أصبحت الغالبيّة في فلسطين من السكّان اليهودوالقوميّة العربيّة اصبحت اقليّة.
باتَ الصراع مع العدو صراعٌ دائمٌ وعلى أساسه تطرَّف الكثيرون في حصر القضيّة الفلسطينيّة ضمن تعريف القضيّةكعربيّة قوميّة.
القضية قضيّة وجود وقضيّة حق مسلوب من عشرات السنين ممّن يستحق لِمَن لا يستحق
أن نكون او لا نكون، ونحن نختار أن نكون.
هذا التّعريف (قضيّة قوميّة عربيّة)ليس خاطِئًا لكن القضيّة بكاملها ليست هو.
لا زال لدينا تعريف القضيّة كقضيّة اقتصاد واطماع لكنني لن اتطرّق له الآن بشكل مفصّل
وهذا غيضٌ من فيض..
تعدّدت التعريفات وكثُرَ عددها، تكلّم الكثيرون عن فلسطين وحصرها ضمنَ التّعريف الذّي شاءَ به كأنها قضيّة رأي اوقضيّة خاصّة
نحن كفلسطينيّون نرفض أي تعريف من المُمكن أن يمس قضيّتنا ومحور قضيّتنا بسوء، نرفض الاعتراف بأي تعريف أوأي اسم قد يُطلَق بناءً على آراء أي أحد الشّخصيّة.
القضيّة هي كل التّعريفات التي ذُكِرَت لكنّها لا تنحصر لتعريف واحد منهم فقط، من الخطأ إحتكار القضيّة بجانب واحدمن الذين ذُكِروا فهيَ جمعهم.
نحن كفلسطينيّون نعرّف قضيتنا بقضية العرب جميعًا، ومقياس التفاضل في التمييز بين الشريف من غيره.