عمر مُؤنس ياغي (مواليد 9 فبراير 1965) هو عالم كيمياء من أصول فلسطينية، ويُعد اليوم من أبرز العلماء في مجال الكيمياء المبتكرة والبُنى الجزيئية. وعندما فاز بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 بمشاركة كل من ريتشارد روبسون وسوسومو كيتاغاوا، أصبح اسمه علامة في التاريخ العلمي، ليعكس تميزاً علمياً ويعزز مكانة العلماء الفلسطينيين في العالم.
ولد عمر ياغي في العاصمة الأردنية عمّان لعائلة فلسطينية لاجئة، وعاش طفولة بسيطة في ظروف معيشية صعبة، حيث تقاسم مع أشقائه غرفة صغيرة تفتقر أحياناً للكهرباء والماء. رغم تلك التحديات، تمسّك بأحلامه العلمية، وحمل هويته الفلسطينية معه إلى كل مكان، حتى أصبح رمزاً للتميز الأكاديمي العربي.
بدأت رحلته العلمية عندما انتقل إلى الولايات المتحدة في سن الخامسة عشرة، متسلحاً بالعزيمة رغم محدودية معرفته باللغة الإنجليزية. أكمل دراسته الجامعية في نيويورك، ثم حصل على الدكتوراه في الكيمياء من جامعة إلينوي عام 1990 بإشراف والتر كليمبيرر، تلاها زمالة في جامعة هارفارد مع ريتشارد هولم، لتبدأ مسيرته نحو الريادة العلمية.
أسّس ياغي فرعاً جديداً في الكيمياء يُعرف باسم الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، الذي يقوم على ربط وحدات معدنية بروابط عضوية لتشكيل هياكل ثلاثية الأبعاد متناهية الدقة تُعرف بـ الهياكل المعدنية العضوية (MOFs) والهياكل العضوية التساهمية (COFs).
هذه المواد تمتاز بمسامات دقيقة جداً تتيح امتصاص الغازات وتخزينها، مما جعلها ثورة في علوم المواد.
تطبيقات أعمال ياغي أحدثت أثراً عالمياً واسعاً، منها التقاط ثاني أكسيد الكربون للحد من الاحتباس الحراري، وحصاد الماء من الهواء في المناطق الجافة عبر أجهزة قادرة على إنتاج الماء من الرطوبة، وتخزين الهيدروجين لتغذية محركات الطاقة النظيفة، إضافة إلى استخداماته في تنقية الهواء والمياه.
في 8 أكتوبر 2025، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية فوز ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء إلى جانب كيتاغاوا وروبسون “لتطويرهم مواد معدنية عضوية بإمكانها حبس الغازات والسوائل داخل بنى دقيقة المسام”، وهو إنجاز غيّر أسس علم الكيمياء البنيوية.
في حديثه بعد إعلان الجائزة قال ياغي:
“شرعت في بناء أشياء جميلة وحلّ مشكلات فكرية.”
بهذه العبارة لخّص فلسفته العلمية القائمة على الإبداع والجمال العقلي، مؤمناً بأن الجمال في التصميم الجزيئي يقود إلى حلول عملية للبشرية.
بعيداً عن المختبر، يُعرف ياغي بتواضعه وإنسانيته، فهو يؤكد دوماً على دوره كعالم عربي فلسطيني مسؤول عن إلهام الشباب في العالم العربي. وقد شغل مناصب مرموقة في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، وحصل عام 2025 على لقب “University Professor” كأعلى رتبة أكاديمية في منظومة الجامعات الأمريكية.
إن فوز عالم فلسطيني بجائزة نوبل يُعد انتصاراً للعلم العربي، ودليلاً على أن العقول العربية قادرة على تقديم حلول علمية للعالم بأسره. عمر ياغي أصبح رمزاً للأمل، ومثالاً على أن العلم لا يعرف الحدود ولا القيود.
وفي الختام، فإن عمر ياغي ليس مجرد اسم في سجل الجوائز، بل هو قصة نجاح علمي وإنساني، عنوانها الإصرار والإبداع، ورسالتها أن الهوية حين تقترن بالعلم تُنبت مجداً يبقى في ذاكرة الإنسانية.
