لا يَخفِ السمع أو النظر عن الوباء الذي حلَّ بِنا اليوم واكتراثنا الشديد من خوف انتشاره إلا أن هذا لا يقل أبدًا أهميةً عن طفلٍ كان عنوانا للمحرقة الإنسانية.
لكن ماذا عن مجتمعٍ لا يفقه في عِلمِ الحبّ أمرًا، بل ويتقن الرجم حتى الهلاك، ويقدس آلهة الموت، ويتبع فلسفة القطيع الهائج، حتى نما فينا وباء القتل والعنف وربما غفلنا عن هذا الوباء الذي هو أشدُّ انتشارًا من الوباء المسيطر هذه الفترة.
ومع ذلك نخاف ونهاب وباء الكوفيد 19 (كورونا) الذي هو فيروس من الفيروسات التاجية المعدية والأليمة، مع تًأكُدي اليقينيّ أن هذا الفيروس يقل خطرًا عن وباء إنسانيتنا المعدومة منذ زمن، إنسانيتنا صاحبة ماركة الكذب والتشريد النفسي والضياع الشديد، لا تسعني الكتابة أكثر ولا يسعني وصف الوضع القائم.
ولكن لو أردتم مني أن أضع يدي مكان الجرح فلا بدّ لي من مثالٍ وقع منذ أيّامٍ قليلة حين غادر شاب ابن السابعة عشرة منزله ليلقى حتفه بسبب دراجة شباب؟؟؟، هؤلاء اللذين راقبوه كالذئاب الوحشية ولم يفكروا في أمهُ القابعة في المنزل التي تنتظر عودته، ليكون فلذة كبدها ضحية الموت، وعلى يد من؟ بكل أسف على يد شباب من جيله، فإلى أين سنصل؟
أين سنكون بعد سنين عدة؟ كيف يمكننا الخوف من الموت والموت بين أذرعنا منذ زمن؟ أبشركم الكورونا ليس وباء، الوباء في إنسانيتنا، وهي أيضا ليس عيب فينا، العيب هو السكوت عن العنف، فما ذنب طفولةٍ أو مرحلةٍ شبابية يافعة أن تنتهي وترحل لجنات الخلد والأبدية؟
ماذا حصل لنا؟ ولما نحن هكذا؟
نتصارع وننتظر أبواب السوبر ماركت والمحلات التجارية الخاصة الأخرى لنمون أنفسنا ونضع وجباتنا الغذائية في الثلاجة وندفع بأنانيتنا وننشرها أمام العلن وفي المقابل نرى جثة ملائكية عنوانها العنف مرمية ومنسية كأن ضحايا القتل والتعنيف أمر طبيعي ومن ضمن سلم أولويات حياتنا العادية، لنرفع الستارة المخبأة ونكشف كل شيء ولا نهاب ونعلن أنه علينا أن نكون أقوى ونحمي الضحايا قبل حماية أنفسنا من وباء قاتل فأن الفيروس نستطيع هدمه متى قمنا بحماية أنفسنا وإتباعنا لسلسلة واجبات، أما القتل حالة لن تتغير متى رأيناها عادية وقائمة. فلنستيقظ!
بقلم: #نوران_بصل