نعم، إنه عصر السرعة. ومن مميزات هذا العصر هو توفر كافة الوسائل لتحقيق كافة الغايات، وكما قال “نيكولو مكيافيلي”: “الغاية تبرر الوسيلة”، ودورك عزيزي القارئ هو اختيار الوسيلة الأسرع التي تمكنك من الوصول سريعا، للغاية التي تريدها. تذكر دائما هذه القاعدة: “إن لم تصل أولًا، اعلم أن هناك من سبقك في الوصول.” هذا هو شعار المرحلة.
أقدم لكم قصة شخصية لعلكم تستنبطون منها الخلاصة أو بعض النصائح والطرق التي من شأنها أن تساعدكم في اختيار الطريق الأسرع، وتحديد الغاية المناسبة والوسيلة الملائمة.
أن تكون أو لا تكون. ومن هو غير موجود على الانترنت، فهو غير موجود أصلا. الأولى عبارة أدبية والثانية قاعدة في التسويق. أمّا هنا فانا أقصد عن نفسي، لكي أحقق وجودي في هذا العالم، كان لا بدي لي أن أنتسب لبعض منصات التواصل الاجتماعي، وأثبت وجودي من خلال المنشورات والتعليق لدى الأصدقاء. ولكي أحقق وجودي الحقيقي، المشاركة أيضا في المناسبات التي ادعى اليها، معارض الكتب، الحفلات الفنية، وغيرها من المناسبات، القيمة منها، والأقل قيمة أيضا.
في يوم من الأيام، بينما كنت نائما، كانت الدنيا تمطر النجاحات، لسوء حظي لم استيقظ، ولم انل أي نجاح. صدمت بهذه الحقيقة عندما لبيّت دعوة العديد من الأصدقاء لمشاركتهم حفل توقيع كتبهم ضمن فعاليات معرض الكتاب. بلغت الصدمة ذروتها حين ألقيت نظرة على هذه المؤلفات الجديدة، معظمها كتب لا قيمة أدبية لها، فهي عديمة المحتوى، لا تناقش أي قضية سوا قضية اشباع رغبة المؤلف بالشهرة وان يكون نسخة طبق الأصل لغيره من أصدقائه. في هذه الاثناء، قدم مصور هاوٍ ليلتقط بعض الصور غير الاحترافية، بكاميرا غير متقدمة، بإعدادات تلقائية، دون أي مراعاة للإضاءة. ثم أجاب على السؤال “وين بلاقي الصور” بجواب أحزن قلبي “بصفحة المصور فلان الفلاني – اكتب فلان الفلاني فوتوغرافي بتلاقيها” أردت أن أوهم نفسي أنه المساعد أو ابن أو أخ لهذا المصور العظيم الذي ينشر صور المناسبات الثقافية عبر الفيسبوك، لكن عبارة “يعني صفحتي. هاد انا” لم تترك لي أي مجال لذلك.
ثم ماذا؟ ثم أن ذهبت الى حفلة ترفيهية، وكانت عريفة الحفل فتاة لا هيبة لها سوا عدد المتابعين، أمّا الفنان العظيم الذي صعد الى المسرح، “خليني ساكت أحسن”.
حين عدت الى المنزل، تصفحت جميع صفحات هؤلاء المشاهير، الكتّاب، المصور، عريفة الحفل وبعض من الفنانين زملاء الفنان العظيم. وأخيرا وجدت ما هو المشترك بين جميع هؤلاء العظماء. نعم، العلاقة العاطفية. جميعهم بعلاقة تربطهم مع شخص ما. من يريد أن يملئ حياته بالنجاح عليه أولًا ان ينجح عاطفيًّا.
حاولت البحث عن النصف الأخر، لعل اكتمالي ونجاحي العاطفي، الذي يملئ الفراغ العاطفي، يملئ أيضا الفشل الكلوي بحياتي العامة والعملية. بعد ما “ختمت” جميع قوائم الأصدقاء، بجميع منصات التواصل الاجتماعي، المنتسب اليها، ختمت أيضا جميع تطبيقات ومواقع المواعدة التعارف. ولم انجح بالفوز باي قلب، ومن لا قلب له لا لقب له أيضا.
وأخيرًا، في نهاية اليوم، قبل ان أنام، وجدتها. وجدت الحقيقة التي كنت أبحث عنها “لكي تكون، يجب عليك ألّا تكون” نعم، لكي أحقق نفسي وانجح، عليّ أن لا أكون نسخة طبق الأصل لغيري من الناس.
بقلم: #فهد_عبود